إنَّ موضوعَ بَحثي هذا وإن كان قديمًا؛ إذ أَلَّفَ فيه كثيرٌ مِنَ العُلَمَاءِ المُتَقَدِّمينَ مُعجَماتٍ في الأَضداد، وتَناولَهُ آخَرُونَ مِنهُم في فُصُولٍ مِن مُؤَلَّفاتِهِم، وكانَ لَهُم خِلاَفُهُم وجِدَالُهم في حقيقةِ (الأضدَاد)، بَينَ مُنكِرٍ لِوُجُودِها في العربيَّةِ، وبينَ مُؤَيّدًا ومُنتَصِرٍ لَهَا، فإنَّهُ يُعَدُّ بِحَقٍ قَضِيَّةً لُغَوِيَّةً حَيَّةً، إذ نالَت اهتمامَ كثيرٍ مِنَ الباحِثينَ المُعاصِرِينَ، مِنَ العَرَبِ وَالمُستَشرِقِينَ، بَينَ مُنكِرٍ لِوُجُودِها في العربيَّة، وبَينَ مُقرٍّ بها، وذَهَبُوا يُنَقِّبُونَ عنها في اللُّغاتِ الأُخرَى وَلاَسِيَّما في السَّامِيَّةِ منها، ويُفَتِّشُونَ عَن أَسبابِ ظُهُورِها، ويُعَلِّلُونَ وُجُودَها، ويُمَحِّصُونَ كثيرًا مِن أَلفاظِها إن كانت حَقِيقَةً مِنَ الأَضدَادِ أَم دُسَّت عليها، تَمَامًا كما فَعَلَ كثيرٌ مِن عُلَمائِنا المُتَقَدِّمينَ، فَمَا تَزالُ (الأضدَادُ) قَضِيَّةً لُغَوِيَّةً حَيَّة، وما يَزالُ البَحثُ فيها طَرِيًّا يَأتي بِجَديد.
وتَوَصَّلتُ في دراستي هذهِ إلى أنَّ عُلَماءَ العربيَّةِ قد تَوَسَّعُوا في أَلفاظِ (الأَضداد)، فَكَثَّرُوها بِأَن حَشَرُوا فيها مَا لَيسَ مِنها، فَتَصَدَّيتُ لِتَصحيحِ ما وَهِمُوا فيهِ، فكانَ جَهدِي هذا مُضافًا إلى جُهُودِ مَن سَبَقَنِي إلى مُعالَجَةِ الأَضدَادِ لِلكَشفِ عَن حَقِيقَةِ كَثيرٍ مِن أَلفاظِها.