مع كل النقاشات التي شهدتها الجغرافية الالمانية بغية تطويرها ، إِلاّ أَنَّها ظلت تعاني من الغموض والاضطراب في فهم موضوعها ، واستمرت هذه الحالة إِلى ما قبل الحرب العالمية الأولى. غير أَنَّ هذا لا يقلل من الصرح الذي شيدته المدرسة الجغرافية الألمانية ، فهو صرح شامخ ومعلم بارز على درب الفكر الجغرافي. لقد وصلت الجغرافية مستوى العلوم الأصولية التي تبحث في القوانين والظواهر البشرية والطبيعية بطرق علمية مختلفة ، إِذ يعود كل الفضل في ذلك الى المدرسة الجغرافية الألمانية إِلى العالمين (همبولدت وريتر) اللذان ساهما في إِرساء القواعد العلمية الحديثة وارتقيا بها إِلى مستوى العلم الاصولي المنظم الذي يستمد بياناته من الطبيعة مباشرة متبعين في ذلك مناهج استقرائية تتناسب مع المناهج العلمية في ذلك الوقت، إِذ تحولت الجغرافية من جمع للمعلومات الوصفية العامة عن الطبيعة والبشر إِلى حقل فلسفي يعتمد على التحليل والملاحظة.