أظهرت السنوات العشر الأولى من تجربة الانتداب الفرنسي على سورية ودولة لبنان الكبير1920، أن فرنسا وضعت مصلحتها فوق كل مصلحة أخرى، وأن علاقتها مع أية فئة سياسية أو طائفية كانت بمقدار ملاءمتها مع المصالح الفرنسية العليا. لقد عدت فرنسا أنها بمنزلة الوصي على الدويلات الخاضعة لانتدابها. فما من أزمة كانت تتعرض لها الرأسمالية الفرنسية إلا كانت تصدرها الى مستعمراتها في الخارج ومنها سورية ودولة لبنان الكبير, فبعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت الرأسمالية العالمية علم 1929، لجأت فرنسا، وفي محاولة منها للتخفيف من حدة تلك الأزمة ، الى ممارسة الاحتكار على نطاق واسع داخل الدويلات، فاحتكرت السلع الأساسية، وتحكمت بحركة البيع والشراء، ولم تترك شركاتها ورساميلها مرفقاً حيوياً إلا واستغلته بشكل كامل.
كانت تلك السياسة الاحتكارية بمنزلة العامل المنبه لسائر الفئات الاجتماعية السورية واللبنانية، ما دفع بها الى وعي مصالحها الأساسية لتقريب خطوات التلاقي بينها متحررة الى حد بعيد من الاعتبارات الطائفية والإقليمية، ومقدمة قضاياها الاجتماعية والاقتصادية على سائر القضايا الأخرى.