الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين , وعلى آله وأصحابه والتابعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد.
فالمعروف أنّ النثر تطوّر بشكل عام , وفنّ الرسائل أو الكتابة بشكل خاص ، وذلك ما أحدثه الدين الإسلامي ونصَّ عليه القرآن الكريم تعلم الكتابة والقراءة كما نقل العرب من الشفاهية إلى الكتابة ، وهذا الشأن رفع من مستوى النثر وأصبح يضاهي نظيره الشعر، بل هناك من جعل النثر أفضل من الشعر، وربط تطور الأمة بالنثر، وأصبح فن الرسائل في العصر الأموي صناعة كبقية الصناعات , وأصبح جزءاً من أعمال الدولة، وإن الخلفاء يراسلون الأمراء والوزراء وقادة الجيش وغيرهم ، فأصبحت الرسالة تؤدي الدور الأكبر في ذلك الوقت , فالرسالة هي نصّ مكتوب من المرسِلِ إلى المرسَلِ إليه في شأن ما , أو هو خطاب للغائب مع بيان ما أراده المرسِل إلى المرسَل إليه , وانمازت هذه الرسائل بالفصاحة والبراعة ، وصياغة الجمل ، والترابط مع وضوح معاني العبارات.
إنّ سبب اختيار هذه الدراسة أو ما يعزّزها ( التكرار في رسائل في العصر الأموي في كتاب جمهرة رسائل العرب في عصور العربيّة الزاهرة ) لأحمد زكي صفوت ، هو عدم تعرّض أيّ باحث أو دارس لنصوصها، والوقوف على التراث في ذلك العصر وما تحمله نصوصها من خصائص وإبداع فني للكتاب.