يعد الموروث العلمي والأدبي والديني والتاريخي ذا أهمية كبيرة في أدبنا العربي الحديث والمعاصر؛ إذ يعد التاريخ بصفة عامة منبعًا ثرًا من منابع الإلهام الشعري الذي يعكس الشاعر من خلال الارتداد إليه روح العصر، ويعيد بناء الماضي، وفق رؤية إنسانية معاصرة، تكشف عن هموم الإنسان ومعاناته وطموحاته وأحلامه، وهذا يعني أن الماضي يعيش في الحاضر، ويرتبط معه بعلاقة جدلية تعتمد على التأثير والتأثر .من هنا سعى الأدباء المحدثون إلى إعادة التراث بكل تفاصيله ووقائعه، وعكفوا على استيعابه وتمثله بقصد بعثه واحيائه لا في وجدان الناس وعقولهم فحسب ، وانما في نتاجاتهم الشعرية ، وقد عكست تجربة الشاعر جميل صدقي الزهاوي الإبداعية صلته القوية بالتراث الإنساني ، إذ استثمرها في التعبير عن الواقع العربي المعاصر ، وتعد ملحمته الشعرية ( ثورة في الجحيم ) أهم أعماله التي عكست تأثره الواضح برسالة الغفران للمعري فضلاً عن منابع تراثية أخرى ، إذ عرض فيها رؤاه، وفلسفته، ونظرته للحياة، وأدبها، والناس، ومعتقداتهم من خلال سجل زيارته للجحيم، والنعيم على طريقة أبي العلاء المعري في "رسالة الغفران" . فضلاً عن تاثره الواضح بنصوص القرأن الكريم والحديث النبوي الشريف واصول الفلسفة العربية والغربية والفارسية والمكتشفات العلمية الحديثة.