ان ما تمتعت به مصر من موقع ممتاز وحضارة عريقة فاقت شهرتها الافاق دفعت ملوك الفرس لاسيما الاخمينيين الى النظر اليها نظرة الطامع فيها والطامح في ضمها الى نفوذه ، واول من تطلع واعد العدة لذلك الملك كورش الثاني (559-529ق.م) غير ان المنية حالت من دون تنفيذ ما اراد ، وتاثر الملك قمبيز (529-521ق.م) الذي تمكن سنة 525 ق.م من تحقيق حلم ابيه بثراء وثقافة هذا البلد ، وشعر بنوع من الفخر وهو يرى نفسه متوجا كملك على الطريقة المصرية ، ومن اجل ارضاء المصريين واستمالتهم الى جانبه سار على سياسة ابيه في مبدأ الاعتدال واحترام عقائد الشعوب الخاضعة لامبراطوريته والسماح لهم بالمحافظة على كيانهم السياسي والثقافي والنظام الخاص بهم، فتمتع المصريون في حقبة حكمه بنوع من السلام والهدؤء وهذا ما اكدته النصوص المصرية ، وسار على نهجه خليفته الملك دارا الاول (521-486ق.م) فقد كان عهده عصرا ذهبيا فيما يتعلق بمصر ، فما قام به من اعمال في النواحي جميعها ، وسلوكه المتسامح واحترامه لمبادئ وقيم وعادات وتقاليد وطقوس البلاد ومنحه الحرية الكاملة في ممارسة شعائره الدينية استشعر بها المصريون ووقع في نفوسهم موقع الرضا الى الحد انهم عدّوا الملك دارا واحدا من فراعنتهم العظام ، وظلوا مخلصين له حتى نهاية حكمه تقريبا .