منذ أن أنيط بالرواية العربية دور المدوّنة الوقائعية لمعترك الإنسان العربي الحديث، أصبحت خارطة العمل الأدبي الروائي موزّعة بطرائق جديدة، تتعدى حدود المألوف في صياغة الفكرة والشعور والحلم. ولأنّ المنطقة العربية تعيش –برمّتها- حالة من تبدّل الثوابت الثقافية والقيمية والفكرية، فقد ظهرت موضوعات في الرواية العربية تتطلب معالجة جديدة، تحاول استكناه أهم مفاصلها، وأبرز خطاطات موضوعاتها، وأكثر الفاعلين حضورًا فيها.

من هنا تأتي القراءة السيميائية لهذه الأعمال، في صورتها الثقافية، لتحاول تلمس شبكة الدلالات في تلك الأعمال، ولتقدّم وجوهًا، مثل المجاز والصورة والخيال، بطريقة مغايرة لما جرت العادة على تقديمه. الروايات المنتقاة للتحليل في هذا المقال هي نماذج اتفقت في جوانب من بنيتها على طرح موضوعة الوطن بطريقة مختلفة نوعًا ما، تتلاءم مع البناء العام للواقع المفترض، لا للواقع الواقعي اللذين يتداخلان، من حين إلى آخر، فيها.