تعد الخطابة فناً أصيلا عند العرب ووسيلة ناجعة لإيصال الأفكار والتعبير عن الرؤى والتأثير بالمخاطب وحمله على الاقتناع، وقد ارتبطت الخطابة بالحجاج كونه جوهرها وللخطيب دور مؤثر في نجاح العملية الحجاجية وإرساء دعائم البناء الاقناعي عند المخاطبين فضلا عما يمتلكه الخطيب من شهرة بالأخلاق الحميدة وحبه للحق وحرصه على تحقيق العدل و تمكنه من حججه وصدق أدلته وتمتعه بسلطة تؤهله للتأثير في نفوس المخاطبين ومعرفته بمستوياتهم وقد توافرت هذه الصفات في شخصية السيدة الزهراء عليها السلام وشخصية السيدة زينب عليها السلام على نحو جلي وواضح وكانت خطبها عليها السلام حجاجا في أدق تمثلاته بناءاً وتركيباً وصورا إحقاقاً للحق وردعاً للباطل واتسم الأداء البياني المتجسد بالتشكيل الصوري بالقدرة العالية على إنتاج المعنى لما شحن به من طاقة حجاجية مؤثرة فكانت الصورة في الخطب الشريفة حجاجية بمستوياتها المتعددة كونها مستمدة من عوالم المتلقين وكفاياتهم الثقافية والنفسية من جهة ومن جهة أخرى من مضمونها الذي يحمل المتلقي على استبعاد المعاني المباشرة وتخطيها نحو مداليل أعمق عبر سلوك مسار حجاجي واستدلالي متوصلاً بنفسه إلى مقاصد هذه الصور فيذعنُ لما توصل إليه بنفسه .