كانت النظرة السائدة للشخصيات التي تتسم بالكبرياء في الأساطير الإغريقية وفي أحقاب تلت نظرة مليئة بالتهميش والازدراء. فأي ظهور لشخصية تتسم بالكبرياء يغيظ آلهة العقاب، ولذا سيعمل المجتمع جاهداً على معاقبة ذلك الشخص لأنه على حد زعمهم يمثل تحدياً للآلهة لأن في ذلك وقاحة شديدة، وتلك الشخصية المتسمة بالكبرياء ستلقى حتفها الجسدي والروحي.
ولكن في الحقيقة إن تصنيف الشخصية المتسمة بالكبرياء بأنها غير ناجحة أمر غير عادل وذلك بحد ذاته فكرة مغلوطة، فنظرتهم إلى تلك الشخصيات بهذه الطريقة تقيد المشاعر والقدرات والسمات الإنسانية، ومنها الكبرياء الذي منها تنطلق مقاومةً قوى الطبيعة التي تحتاج إلى جهد وتحمل كبيرين.
يحاول هذا البحث دراسة أفعال شخصية (كابتن إيهاب) ونفسيتها التي تتسم بالكبرياء في رواية (الحوت الأبيض) لـ هيرمان ميلفل، ويسعى لإظهار أهمية الكبرياء وتأثيرها الكبير في نفسية الشخصية المذكورة آنفاً وسلوكها وعلى تأثير الكبرياء في تغير سير وتطور الأحداث المثيرة للدهشة، وترمي هذه الدراسة أيضاً إلى تبيان المشاعر النبيلة والقدرات الإنسانية المندفعة بكبريائه حيث يوظفها أثناء صراعه مع الطبيعة، فيظهر كبرياءه كدافع قوي للتغلب على قوى الطبيعة، وترمي الدراسة إلى تبيان قراراته الفردية ضد قوى الطبيعة وكيف تتوسط سمة الكبرياء المشاعر الداخلية للبطل كمنظم يعمل على دفعه إلى الأمام نحو هدفه المنشود. فشخصية (كابتن إيهاب) تميل للاتسام بالكبرياء الذي يدفعه نحو الأمام، فيظهر الكابتن في الرواية فخوراً معتزاً بذاته وقدراته وبما يمتلكه من إيجابيات، إذ يأتي بأفعال لايجرؤ أي بحار أخر الإتيان بمثلها فيصبح بذلك بطلا بالرغم من موته ومنتصرا وملهما للآخرين.