تهدف هذه الدراسة بشكل أساسي إلى كشف الادراكات اللغوية لاستراتيجيات عدم التهذيب المستعملة في الالفاظ التي نطقت بها شخصيات مسرحية (موت بائع متجول) للكاتب المسرحي الأمريكي آرثر ميلر. و من ثم البحث عن حالات ورود الاستراتيجيات غير المهذبة في بيانات ثم احصائها كمياً, و استخراج خمسة وتسعين لفظا غير مهذب, و تحليل هذه الالفاظ طبقا لنموذج كولبيبر (1996), من اجل ابراز الوظيفة الجمالية للغة.
و لعل التحليل يكشف عن هيمنة الالفاظ السائدة في البيانات, و التي تتسم بعدم التهذيب الإيجابي و ذلك ب (استعمال الفاظ محضورة) و شكلت نسبتها الاحصائية 37٪ , و يليها عدم التقارب الذي يشكل 21٪ ، في حين شكلت الالفاظ غير المهذبة و التي اتسمت بسلبيتها و مصداقها (الاعتداء على حرية الآخر) ما يقارب 9.5٪ ، و من جانب اخر شكلت الفاظ السخرية و الذكاء الوهمي نسبة مقدارها 6.32٪ ، و كذلك نجد بروز ظاهرة عدم التهذيب السلبي و الذي مثلته اشكال (الازدراء و السخرية) و قد شكلت نسبة 6.32٪ ، و عدم التهذيب السلبي (ربط الآخر بالجانب السلبي بشكل صريح) شكلت نسبة 5.3٪ ، كما و شكلت ظاهرة قلة الإيجابية و تمظهرت بمظهر (النداء بأسماء الأخرين) نسبة 4.22٪ ، و كذلك تجسدت ظاهرة قلة الايجابية بمظاهر اخرى اهمها: (الهوية غير الملائمة) و (الفصل عن الآخرين) و كانت نسبتها ما يقارب 3.17٪ فيما شكلت ملامح اخرى اهمها حجب المداراة (الإنصات) و (عدم الشكر) نسبة 1٪. و هذه النتائج باختلاف نسبها مثلت بشكل واضح و جلي انتاج خطاب يفتقر الى وعي في التعامل التنويري والأخلاقي بين الشخصيات من خلال قنواتها التواصلية فهناك تنافر وتمرد بين شخصيات المسرحية و لعلها عناصر اسهمت بشد المتلقي نحو المسرحية. و اظهرت لنا المسرحية ان هناك تفاعلا تعوزه روح الود بين شخصيات المسرحية مثلته الالفاظ النابية التي خلقتها حياتهم غير المستقرة على المستوى الاجتماعي و السياسي مما ولد اضطهادا نفسيا قاسته الطبقة الاجتماعية الوسطى خلال مدة الحرب العالمية الثانية في امريكا و التي جسدها المسرح الدرامي المثير للتفكير.