إن الفلاح في العراق عموماً وفي الجنوب على وجه التحديد قد تعرض إلى ظلم كبير وغبن واضح، إذ لم يراعَ حتى مركزه بوصفه إنساناً، مما سمح للإقطاعي الذي تجرد من كل القيم والمشاعر الإنسانية أن ينزله إلى دركات الذل والعذاب الدائم. إن الإنصاف يدفعنا للقول: إِن موقف العراقيين كان كبيراً حسب كل المقاييس وفي طليعتهم الأدباء، إذ تطرق كثير منهم إلى ظلم الإقطاعيين ولم يتردد بعضهم من تسمية الأشياء بمسمياتها على الرغم من حظوة الإقطاع وسطوته الشديدة على كل شؤون البلاد.
أما شريحة الشعراء لا سيّما شعراء النجف الأشرف، فإنهم تركوا لنا صورة شعرية رائعة عن ظلم الإقطاع للفلاح؛ بسبب حالة الوعي التي كانت سائدة في المجتمع النجفي، ولم يقتصر هذا النشاط على شعراء النجف بل إن هناك مجموعة كبيرة من شعراء العراق حملوا على عاتقهم مسؤولية الذب عن حقوق الفلاح المستضعف ومناوئة الإقطاع المتسلط.
كما كان للشعر الشعبي دور واضح، إذ كيف لا يكون كذلك وهو الأقرب إلى الواقع والأكثر ملائمة لمشاعر الناس لاسّيما وإنه بعيد عن التعقيد ويتناغم مع معاناة الفلاحين مفصحاً عن قسوة الإقطاع.