يَفترِض العالم السياسي الأمريكي ، صموئيل بي هانتينغتون في كتابه صراع الحضارات (1996)، يَفترِض أن الصراع الدولي الحديث عادة ما يكون صراع بين ثقافتين مختلفتين ، حضارتين مختلفتين ، أو أديان مختلفة. ترتكز نظرية هانتينغتون على ان مصدر النزاعات والصراعات في عالم ما بعد الحرب الباردة هو الهوية الثقافية والدينية للشعوب. لا شك في أن مختلف الحضارات تتميز عن بعضها البعض من خلال تاريخها ولغتها وثقافتها وكذلك انتمائها الديني. لكن هل الدين هو العامل الوحيد للعنف واللاصطدامات المعاصرة؟ ماذا عن تدخّل السياسة؟ يمكن للديانات المختلفة ذات الثقافة المشتركة ان تؤثر على صنع السلام والتعايش السلمي؟ هل يمكن للمواطنة الصالحة في حد ذاتها خلق مجتمع سلمي؟ أو يمكن ان يكون للإيمان دورا رئيسيا لكي يكون المحرك الايجابي لمواطنة أكثر مسؤولة؟
يهدف هذا البحث على التأكيد على أهمية الإيمان والقيم الثقافية والايمانية المشتركة مابين المسيحين والمسلمين من حيث كونهم مكونات أساسية للتعايش السلمي، كما يؤكد على ان الايمان قادر على خلق مواطنة اكثر مسؤولية وان يكون المحرِّك لثقافة اللقاء المستندة على المشاركة المتبادلة والفاعلة في خدمة المجتمع، بدل ان يكون مصدر صراعات وحروب وعنف.