تمر المجتمعات الإنسانية بمراحل تفتقد فيها البوصلة التي تحدد طريق المستقبل وخارطة الطريق التي توصل للأهداف الاستراتيجية التي تتوخاها الجماعة. والعراق اليوم يقف في اللحظة التاريخية الحالية عند منعطف طريق بل في تقاطع طرق عديدة يحتار إزاءها ويكاد يفتقر الى الهمة التي تمكنه من الاختيار العقلاني لسبب بسيط هو أن المجتمع العراقي لا يمتلك اليوم تلك الوحدة الرصينة القوية بين الجماعات والفئات المكونة له. ولذلك فإن عليه لأجل أن يبذل جهوداً مضاعفة تقوم على وعي حضاري عميق جوهره القيم الروحية، والخبرات المشتركة وعدالة توزيع المصالح والمنافع واليقين الثابت بأن الصراع الدموي والفوضى وتجنب الآخر والتعصب لن تنتج غير الخسارة للجميع، ففي مثل هذه الصراعات لا يربح أحد. لقد ظهر الإسلام لكي يوحد ويؤسس لدولة مدنية ومجتمع مدني ، ويؤكد ما أورده القرآن الكريم من مبدأ عظيم الدلالة وهو إن الله (جلَّ جلاله) خلق البشر شعوباً وقبائل لكي يتعارفوا مع بعضهم بعضاً ، وإن معيار ذلك هو التقوى الذي يقربهم الى الله (سبحانه وتعالى). فالتقوى زاد المؤمن ليس في العبادات فقط بل في علاقات الناس واحترامهم لبعضهم ، واحترام حقوقهم ومصالحهم المشتركة ، وتسامحهم، لقد تناولنا في هذه الصفحات من الدراسة: بعض مصادر التعصب والصراع. بعض مصادر التسامح والحوار والتواصل.