عكف النحويّون الأوائلُ منذُ بداية حركة التّأليفِ النحويّ على بيان الوظائف النحويّة ــ وإن لم يصرّحوا باسمها ــ وأدركوا ما تعتمد عليه هذه الوظائفُ من ركائزَ وعواملَ لغويّة، وما تؤدّيه من أثر داخل التركيب النحويّ. فتشكّلت على أيديهم الملامح الأولى للنظريّة اللغويّة العربيّة التي اهتمّت بربط ماهيّة اللغة بوظيفتها، ففهموا بذلك أنّ اللغة هي وسيلة اتّصال بين المتخاطبين، ووجدوا أنّ المنهج الأمثل لدراسة اللغة هو المنهج الذي يراعي ظروف الخطاب، ويعزّز الترابط بين المقال والمقام من جهة، وبين البنية والوظيفة من جهة أخرى، تلك النظرية تُعدّ أساسًا لنظريّة النّحو الوظيفيّ الحديثة.