يهدف البحث الى دراسة وتفسير السلوك الاجتماعي من خلال النظرية البنائية الوظيفية ما بين عند تالكون بارسونز – روبيرت ميرتون، وجاء البحث استناد للفروض البحثية التالية: "يتميز الاتجاه الوظيفي البنائي بتقديم العديد من التفسيرات للسلوك الاجتماعي، بين بارسونز وميرتون" ، "كان للإسهامات بارسونز الأثر الأعظم في تفسير السلوك الاجتماعي، ومن ثم جاء ميرتون لتجديد النظرية وتوضح افكارها"، "فسر كل من بارسونز وميرتون السلوك الاجتماعي من خلال تحليل الأنماط والانساق والسلوكيات الاجتماعية الظاهرة"، وتوصل البحث الى أن بارسونز كان مهتمًا بدراسة النظام الاجتماعي في المجتمعات الحديثة، وقام بدراسة وظائف النظام الاجتماعي من خلال مفهوم "التكيف" أو "المواءمة"، ويعتبر الإنسان نموذجًا مصغرًا للمؤسسة، ويكون الفرد والمجموعة فيه جزء لا يتجزأ بما يمتلكه من رغبات واحتياجات يسعى لتحقيقها، وتُشكل العلاقات الإنسانية والاجتماعية من خلال وسائل الاتصال والتواصل والمعرفة دورًا هامًا في تحقيق هذه الرغبات، حيث تُلبي احتياجات الفرد وتساهم في تنظيم الحياة الاجتماعية بما يتناسب مع نظرية الحاجات والإشباعات التي تعتبر جزءًا من تفكير بارسونز في فهم النظام الاجتماعي.
وبالمقابل قدم بارسونز وجهة نظر اجتماعية متكاملة للفعل الاجتماعي أو السلوك الاجتماعي والذي يرتبط بالنسق الاجتماعي الذي ينتمي اليه هذا الفرد أو المضمون الظاهر لهذا النسق حيث فرق بين الانساق ومضامينها وكل نسق مرتبط بوظيفة من الوظائف الاربعة للفعل من خلال الانساق الفرعية المترابطة بوصفه منظومة اجتماعية متكاملة، يسهم كل عنصر من عناصرها في تكوين الفعل على نحو من الأنحاء" وهي العضوية والشخصية والاجتماعية والثقافية، والسلوك في النهاية حصيلة تفاعل المكونات الأربعة، أما ميرتون فيوضح أن الانسان في السلوك الاجتماعي يتبوأ وضعيات تكيفية مختلفة تتراوح بين الإيجابية مثل الامتثال والإبداع والسلبية مثل الانسحاب والتمرد المعارضة، حيث تسعى هذه الوضعيات إما لتحقيق أهداف الجماعة والتأقلم معها أو لمعارضتها وتغييرها، مما يركز على تحليل كيفية تأثير السلوك الاجتماعي على الأداء الوظيفي ومدى توافقه مع أهداف المنظمة أو التحديات التي تواجهها، مما يمثل جانباً مهماً في فهم دور الفرد داخل الهيكل الاجتماعي ومساهمته في تطوره أو تحدياته،أعلى النموذج وأن فهم استجابات الفرد للضغوط، يشير إلى سلوك الفرد في مواقف محددة وليس إلى سماته الشخصية بشكل عام، حيث يمكن أن يظهر فردين من نفس المستوى الاقتصادي والاجتماعي استجابات مختلفة وسلوكيات متعارضة في بعض الأحيان.
وفي تفسير السلوك الإنساني بين كل منهما نموذجاً معيناً لذلك التفسير، حيث أستخدم في تحليل وتفسير السلوك أنماط وعوامل وانساق لتحليل السلوك الاجتماعي، فعبر عنها بارسونز بالأنساق والسلوكيات النمطية، وعبر عنها ميرتون بالسلوكيات التكيفية، وفق للنظرية البنائية الوظيفية التي تستند الى فكرة تحقيق هذا السلوك للأهداف الجماعية وتحقق هذه الأهداف نوع من الإشباعات لحاجات الافراد في المجتمع، ولكن يعود الفضل الى بارسونز في وضع الاسس الاولى لتحليل البناء الوظيفي للمجتمع، وتفسير السلوك الاجتماعي بشكل ادى الى بناء النظرية الوظيفية، ويعود الفضل الى ميرتون في إعادة صياغة النظرية من جديد وتخليصها من الانتقادات التي هددت وجودها وتاريخها، واعادها الى سياقها بين النظريات الاجتماعية، وما ميز بارسونز عن ميرتون أنه أشار الى دور التنشئة الاجتماعية في بناء السلوك الاجتماعي ونقل الثقافة والقيم بين افراد المجتمع، وبين أهمية دور التواصل بينهم فيما يتعلق بها، وبحل المشكلات التي يمكن أن تظهر.