تميزت الدولة الفاطمية عن الدول التي سبقتها كالدولة الاموية أنها دولة قامت على فلسفة وحركة دينية تمثلت بالدعوة الفاطمية القائمة على تشجيع حركة الفكر والثقافة والعلم.
حكم الدولة الفاطمية أربعة عشر خليفة وكان الخليفة المستنصر بالله (427-487هـ/1035-1094م) الثامن في تسلسل خلفائهم والذي يعد أطول الخلفاء الفاطميين عهداً، إذ دامت مدة خلافته ستين سنة وأربعة شهور.
عانت الخلافة الفاطمية في عهده من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية أدت إلى إرباك الوضع الداخلي في مصر في ذلك العهد لا سيما أنه تقلد الحكم وهو طفل غير قادر على ادارة شؤون الخلافة فآلت مقاليد الحكم إلى والدته كونها وصية عليه وقد بقيت وصية عليه حتى بلوغه سن الرشد، فضلاً عن ذلك وقع الخليفة المستنصر تحت تأثير رجال السوء، ولعل أكبر مظهر لتلك الحالة سرعة تغيير الوزراء في عهده، إذ أصبحوا يتساقطون بسرعة شديدة، كما تحولت الوزارة في خلافته من وزارة أصحاب الأقلام إلى وزارة أصحاب السيوف الذين سيطروا على مقاليد الحكم، وأصبح الخلفاء في ما بعد ألعوبة في أيديهم يحركونهم كيفما يشاؤون.
كما اجتاحت مصر في خلافته أزمة اقتصادية استمرت أكثر من سبع سنين شهدت مصر خلالها مجاعة كبيرة عرفت في كتب التأريخ بأسم الشدة المستنصرية.
وقد جاء اختيارنا لدراسة الموضوع الموسوم (النظم السياسية في عهد المستنصر بالله الفاطمي).
ضم البحث أربعة عناوين، لدراسة النظم السياسية والتي شملت (الخلافة، والوزارة، والكتابة، والحجابة).
وقد أثبت البحث أن مدة خلافة المستنصر بالله (427-487هـ/1035-1094م) قد ضرب بها المثل في الطول الزمني.
تبين من خلال هذا البحث أن شخصية الخليفة المستنصر بالله كانت شخصية ضعيفة طيب القلب فلم يلعب في الحياة دوره إنما ترك الأمر للآخرين. وكانت الحظوة للوزراء أصحاب السيوف والقلة لأصحاب القلم، وتعلل كثرة الذين تولوا الوزراء أحياناً ليوم واحد أو لأيام عدة إلى ضعف الخليفة، كما أثبت البحث سيطرة الوزراء أصحاب السيوف على مقاليد الحكم وتسيير الدولة والحكم كما يرويدن يشتهون ويشاؤون.
أثبت البحث أن الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها مصر في خلافته والمسماة بالشدة المستنصرية كانت شديدة جداً فقد أدت بالخلافة الفاطمية إلى أن تفقد مضمونها وهويتها وشبابها وأن تعيش في شيخوخة طويلة وكانت أحد أسباب انهيار الدولة الفاطمية وسقوطها سنة (567هـ/1171م).