ظهرت اللسانيات في الغرب حاملة لواء المنهجية العلمية في مقاربة الظواهر اللغوية بمختلف الألسنة الطبيعية، ما بوَّأها منذ مطلع القرن العشرين مكانةً ورفعةً ضمن العلوم الحديثة، وسرعان ما وفدت إلى عالمنا العربي، فتشكلت بوادر اللسانيات العربية الحديثة منتصف القرن الماضي على يد باحثين حرصوا على استثمار بعض النظريات اللسانية في دراستهم للغة العربية. وبعضهم ينتمي إلى مؤسسات علمية لغوية كالمجامع اللغوية العربية، أسهموا في جلساتها بأعمال تعبر عن انشغالاتهم البحثية، وتطلعاتهم المستقبلية عن اللسانيات العربية.
نستهدف من هذا البحث الكشف عن الأثر اللساني للرواد المجمعيين العرب، انطلاقًا مما نُشر بمجلات المجامع اللغوية، ووقائع مؤتمراته (نخصّ بالذكر مجمع اللغة العربية بدمشق، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة)، وتحليل مضامينها، عبر إدراج أفكار اللسانيين ضمن المدارس اللسانية واتجاهاتها الحديثة.
ينتهي البحث إلى نتائج تشخّص حال أزمة اللسانيات داخل مجمعي اللغة العربية بدمشق والقاهرة، وتنشد تحديد أولوياتها بالنظر إلى واقع اللغة العربية ورهاناتها في العصر الحديث.