إن عنصر المكان وتوظیفه في داخل بنیة الروایة یعد من أهم العناصر والتقنیات في الأدب الروائي المعاصر ولا سيما في الروایات التي تعنی بموضوع الحرب؛ ذلك أن الحروب تنشب غالبا لأجل السیطرة علی أراضي الخصم، فالروایات التي تلقي الضوء علی الحرب وآثارها من الدمار والقتل والهجرة كلها تتركز علی عنصر المكان كمكون أساسي بارز. تهدف هذه الدراسة إلى معالجة موضوع المكان وثنائیاته في روایة یومیات هر لإمیلی نصر الله) 1931-2018) -كاتبة المرأة والحرب والهجرة- التي تنظر إلى الحرب وآثارها في هذه الروایة من وجهة نظر مختلفة تماما وذلك إنها تحكی قصة القطط الشاردة ومصیرها أثناء الحرب وعلاقاتها بالناس ولا سيما الأولاد، علی لسان راو خاص وهو قط اسمه "زیكو". من أهم النتائج التي توصلنا إليها في هذه الدراسة هو أن الأمكنة الواقعیة في هذه الروایة تتوزع بین الداخل والخارج حسب الإحساس الذي یتبادر إلى الشخصیات الساكنة فيها. فالأمكنة المنفتحة لا تعد مصدرا دائما للسعادة، ویمكن أن تتبادل الأمكنة الأدوار فيما بینها معتمدة علی شعور سكانها تجاه المكان. لقد جرى توظیف المكان في الروایة وعلاقته بالشخصیات، لتمثیل الخسائر المادیة والروحیة التي لحقت به وبقاطنیه، وكذلك لبیان العلاقات الإنسانیة ضمن الكوارث التي كان یمرّ بها الناس من المقاتلین والسكان العادیین وكذلك الحیوانات الشاردة في خضم الحرب الأهلیة اللبنانیة.