الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين وآله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين . وبعد :
فان النص الشعري يولد عبر مخاض إبداعي ، يمارس فيه الشاعر سلطته الابداعية ، بحسب مقوماتها المتاحة ومهيمنات إرادة فعله ، بما تفرضه من رؤى فنية ، تأخذ امتداها وعمقها وهيمنتها ، بما رصد لها من اساليب لغوية ، بدت في نوعية الفاظها وتراكيبها وعباراتها ، مفصحة عن بناء شعري ، له تميزه المنسجم مع اختيارات الشاعر ، لطبيعة مادته اللغوية ، التي اودعها سياقات دالة ، وجدها كفيلة بالاستجابة لنزعته الفنية ، على وفق ما اهتدى اليه من نمط أدائي ابداعي ، جعله ينأى بمسار لغته الشعرية عن منحى استعمالها المألوف والمتداول ، بحسب ما نص عليه العرف اللغوي ، الذي اتفق عليه اللغويون وأقروا القول به في مدوناتهم المعجمية التي يختار الشاعر ما يشاء منها لبنائه الشعري ، الذي يبقى تميزه فيه ، رهناً بتميز قدراته الابداعية في التعامل مع الفاظ لغته ، التي اجتهد في انتقائها ووضعها بسياق شعري ، التحم فيه بعضها ببعض ، عبر علاقات بنائية خاصة ، برع في اقامتها ، محملا اياها دلالات ، توخى الابلاغ عنها في نسيج أخيلته وصوره ، بما أبدع من اقوال شعرية ، تفاوتت فيها قراءات النقاد إعجاباً أو انكاراً ، لاسباب تتعلق بمستوى الفهم وطبيعة الوعي وتنوع الرؤى المحكومة بتوجهات معينة ، ومثل هذه الاقوال ، ستكون لي وقفات عندها في هذا البحث ، لاتبين منها جانباً من براعة قائليها في إبداعهم اللغوي ، لأن ما قالوه ، تفردت صورته ، عبر معالجة لغوية ، تراصت فيها الالفاظ بسياق دلالي ، تجلت فيه شعرية الآداء الفني ، بنسق مجازي غاية في الابداع والجمال .
وقد الزمتني طبيعة هذا البحث ان استرسل في عرض وقفاتي فيه ، فلم اقسمه على فقرات او مباحث بعنوانات محددة ، فمضيت بسرد ما وجدته منسجما مع عنوانه . آمل ان اكون قد وفقت فيما سعيت اليه ، وبذلت ما امكنني من جهد فيه .