الاستعارات الإدراکية-وهي التي تعرف بمجموعة من الترسيمات من مجال الانطلاق إلى مجال الوصول- تکون إلى حد كبير أساس فهمنا للعالم؛ لذلك تحدث دائمًا في حياتنا اليومية وتستخدم في العديد من القضايا مثل المجتمع، والسياسة، والقانون، والفلسفة، وعلم النفس، والرياضيات وما إلى ذلك. ونظرا إلى القدرة العالية التي يتمتع بها هذا النوع من الاستعارة في توليد الأفكار، والفرضيات، والنظريات، وكذلك إقناع الجمهور وتشكيل السلوك، فقد تم استخدامه كأداة فعالة في النصوص الإسلامية المقدسة؛ إذ هي تصور التعاليم الإلهية والمفاهيم المجردة بطريقة إبداعية وفريدة هادفة إلی تعليم البشر طريقة الحياة الصحيحة؛ فهم هذه التعاليم والمفاهيم وتحليلها ونقلها إلی الآخرین یتسنی بمساعدة الاستعارة التصورية.
وحسب ما قيل، فمن الضروري استخدام اللسانیات المعرفية في تحليل خطاب النصوص الإسلامية المقدسة. لذا تستخدم الدراسة الحالية الاستعارة المعرفية لتحليل الاستعارات المفاهيمية: "الدنيا شيء زهید مثیر للاشمئزاز والتقزز" في نهجالبلاغة من أجل تحديد أساس الاستعارة المذكورة وشرح كيفية فهمنا لها، ودورها في إحداث تحول في الفكر البشري وسلوكه.
أهم ما توصل إلیه البحث هو أنه إذا دخلت الاستعارات الإدراکية المختلفة في مجال الدنيا -التي تکون نتاج المفهمة العلمية والفنية للإمام علي (عليهالسلام)- في النسق التصوري للإنسان، فيمكنها تغيير رؤيته وبالتالي تصوراته وأفعاله، وفي الواقع تؤدي إلى ثورة ثقافية أساسية وجوهرية.