كانت بدايات الدراما مرتبطة بحياة الإنسان، مما جعلها جنساً أدبياً ملازماً لنتاجه في العصور المتعاقبة؛ وذلك باعتبارها ملامسة لقضايا الإنسان، بإعادة تصوير الواقع بطريقة أدبية مؤثرة في المتلقي، وبإشراك شخصيات عديدة لإنجاز العمل الدرامي. لذا عُدت الدراما من أقوى الفنون تأثيراً مقارنة بالفنون الأخرى؛ لأن اللغة هي المنطلق الأساس في التعبير, وهذا شيء لا يوجد في باقي الفنون، إذ فيها من التأمل والبوح الفكري والعاطفي ما لا نراه عند غيرها، كونها تنطوي تحت أسلوب السرد، سواء أكان السرد الشعري أم النثري، فالإنسان هو المحور الأساسي فيها, لأن عن طريقه يجري التعبير المسرحي في أول ظهور له, وما بعده التعبير الشعري الدرامي، الذي له صلة بالفكر والعادات الاجتماعية بين الأفراد، بمدح السلوك الجميل, وانتقاد عيوب الفرد بالمجتمع، إذ زاوج بين إبراز مكنونات نفس الشاعر وعرض قصة الجمهور، بالوقت ذاته لا يغفل عن ربط خيال القارئ بإحساس الشاعر والمجتمع, فتظهر للقارئ مجموعة من الأصوات والمواقف الدرامية بوساطة الحوار بنوعيه والصراع النفسي الذي سيطر على الشاعر في وقتٍ ما، وذلك بتأطيره بصورة شعرية وجدانية درامية وعرضها للقارئ؛ لتحسس مواضع جمالها, بهدف التأثر بها وبقاءها عالقة في ذهنه.