باتت ظاهرة الفساد تشكل تحدياً كبيراً لشعوب المعمورة بكافة دولها ونظمها السياسية الديمقراطية منها أو الاستبدادية، واصبحت لها عواقب وآثار وخيمة على مجمل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي تم الاشارة اليها في هذه الدراسة. إذ تزداد احتمالات انتشار الفساد في الدول التي تعاني من ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والتغييرات المستمرة لنظم الدول وقوانيها؛ الأمر الذي يؤدي إلى انعدام المؤسسات السياسية المستقرة ونظم المسألة والمحاسبة والمراقبة على المال العام ممّا يؤدي إلى انعدام الشفافية في العمل التنفيذي وغيرها من الاعمال الحكومية ومنذ 2003 وحتى عام 2013 يحتل العراق المراتب المتقدمة في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية.
فيوصف من أكثر بلدان العالم فساداً الامر الذي بات يقوّض العملية التنموية والنهوض في المجتمع العراقي وبناء المؤسسات السياسية الفاعلة والمستقرة وكذلك التقليل من فرص الاستثمار.
إن هذه النتيجة التي وصل اليها العراق مؤخراً يمكن إرجاعها إلى عوامل عديدة ومتنوعة تتفاعل مع بعضها باستمرار لتهدد نسيج المجتمع العراقي والحياة السياسية بأكملها ولعل أبرز هذه العوامل عدم الاستقرار السياسي وضعف الوعي المجتمعي وسياسات الاحتلال واعتماد اساليب المحاصصة السياسية والطائفية والقومية في إدارة الدولة ومؤسساتها الناشئة الى وجود حصانة لكبار المسؤولين التنفيذيين والتشريعيين في الدولة العراقية وزعماء الأحزاب السياسية.
والفساد في أي دولة أو منظومة دولية أو اقليمية هو من دون شك مؤشر دالّ على وجود خلل في الإدارة العامة بصورة عامة وانعكاس حقيقي لعدم توافر الحكم الصالح وآلياته الفاعلة والمانعة لهذه الظاهرة.