هدف هذا البحث إلى دراسة السلالم الحجاجية في آيات القتال الكريمة، وبيان فاعلية الإدراك التداولي في الوصول إلى مقاصد الخطاب القرآني؛ لأن إدراك المتلقي لقصد المتكلِّم هو غاية كل خطاب، وعليه يتوقف التأثير في المتلقي، وإقناعه، وتوجيهه.

    واقتضت طبيعة البحث، أن يُصدَّر بتوطئة تبيِّن طبيعة الخطاب القرآني السلَّمية، إذ يوصف بأنه متدرِّج يبدأ بمقدمات حجاجية، وينتهي بنتائج، وكيف يتدرج المتكلِّم في خطابه بشكل متدرِّج سلَّمي؛ ليكون أكثر تأثيرًا في المتلقي، وبعدها يتناول البحث خاصية السلَّمية عند علماء العرب في مختلف تخصصاتهم؛ ليبيِّن كيف تناولوا هذه الخاصية في علومهم، وإن لم يصطلحوا عليها اصطلاحات محددة، وبيان نقاط التلاقي بين ما ذهبوا إليه، وبين ما ذهب إليه الغربيون في دراستهم للسلالم الحجاجية على اعتبار أنهم المؤسسون لهذه النظرية. ثم ينتقل البحث إلى الجانب التطبيقي عبر تحليل آيات كريمات من مدونة البحث؛ ليبيِّن كيف يرتقي الخطاب القرآني بحججه إلى أن يصل بالمتلقي إلى النتيجة المقصودة، وهي الغاية المنشودة من الخطاب؛ لتحصل عملية التأثير والإقناع.

   وتوصل البحث إلى أن الحجج في آيات القتال الكريمة رُتِّبت بشكل متدرج سلَّمي، مكونة سُلَّمًا حجاجيًّا رائعًا؛ لأن القرآن الكريم بطبيعته لا يكتفي بعرض حجة واحدة، وإنما يتدرج في عرض الحجج؛ وصولًا إلى التأثير في المتلقي وإقناعه، إما لدحض حجج الكافرين وإبطالها، وإما لرفع همم المؤمنين، وتشجيعهم على الجهاد في سبيل الله تعالى.