Preferred Language
Articles
/
aladabj-3861
موقف إيران من الفصائل الفلسطينية المسلحة حتى عام 1979
...Show More Authors

    مما لاشك فيه إن إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي تعاملت مع القضية الفلسطينية على عكس تعاملها مع الفصائل المسلحة المنضوية تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، إذ كان نظام الشاه متعاطف مع مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة، إن كان ذلك بدافع إسلامي أو إنساني، وعلى عكس ما كان يشاع تماماً، فقد حاول الشاه ترك انطباع ايجابي لدى الدول العربية والإسلامية، في إن إيران تقف صفاً واحداً مع القضية الفلسطينية ، لكن في الوقت نفسه كان الشاه أيضا حريصاً على مصالح إيران، ودائماً ما يؤكد إن إيران رغم تعاطفها مع القضية الفلسطينية، الا إنها كثيراً ما كانت تحتكم للعقل والمنطق، الذي يؤكد على ضرورة التعامل مع إسرائيل باعتبارها أمراً واقعاً، ولاسيما إنها مدعومة من قبل الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، إذ من غير المعقول إن يعادي الشاه إسرائيل لمجرد رغبة الدول العربية والإسلامية بذلك، وكان دائماً ما يردد شعار أن السياسة شيء والتجارة والاقتصاد شيء أخر، فضلاً عن إن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط قد حتمت على حلفائها إيران وإسرائيل إن يعملا سويةً وفق ما تقتضيه المرحلة القائمة على حماية مصالحهم في منطقة الشرق الأوسط.

    وعلى ما يبدو إن ذلك، كان احد أهم الأسباب الخلافية بين الفصائل الفلسطينية المسلحة وبين نظام حكم الشاه، ويبدو واضحاً إن ظهور الفصائل المسلحة المنضوية تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في منتصف الستينيات من القرن العشرين قد سبب صداعاً مزمناً لنظام حكم الشاه، لاسيما عندما أدرك إن هذه الفصائل سعت للتقارب من القوى الثورية الإيرانية المعارضة لنظام حكمه، من خلال تقديمها للدعم المالي والعسكري لهم، معتقداً الشاه إن بعض هذه الفصائل الفلسطينية المسلحة تعمدت ذلك، ليس برغبة منها في دعم الحركات الثورية في منطقة الشرق الأوسط، وإنما هذه الفصائل تعمل لصالح عدد من الدول العربية التي تشهد علاقاتها مع إيران شيء من الشد والتوتر، لاسيما مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، والعراق ودول الخليج، لذلك كان الشاه حذراً في التعامل مع هذه الفصائل الفلسطينية المسلحة، إذ كان مدركاً إن بعض قيادات هذه الفصائل لا تأتمر بأوامر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بل إنها تعمل لصالح مخابرات عدد من الدول العربية.

    ونتيجة لذلك، شهدت العلاقة بين نظام حكم الشاه والفصائل الفلسطينية المسلحة أوجه متباينة، فقد حاول الشاه مراراً التقرب والتودد لمنظمة التحرير الفلسطينية متعهداً لها بالدعم المادي والمعنوي، مقابل الكف عن دعمهم للمعارضة الإيرانية، فضلاً عن إيقاف تعاملهم مع بعض قيادات الفصائل الفلسطينية المسلحة المنضوية تحت قيادة منظمة التحرير والتي كان الشاه يتهمها بأنها تقف وراء كل الأضرار التي أصابت مصالح إيران داخلياً وخارجياً والتي اسماها بــ (أجنحة الإرهاب المتطرفة).

    وعلى ما يبدو، إن قيادة منظمة التحرير المتمثلة برئيسها ياسر عرفات كان يتعامل بازدواجية مع نظام الحكم في إيران، فتارة يشيد بأداء الشاه تجاه القضايا العربية، ولاسيما القضية الفلسطينية، وتارة أخرى يعترف إن منظمة التحرير الفلسطينية كان لها الدور الأكبر في دعم المعارضة الإيرانية وزعزعة نظام حكم الشاه ومن ثم الإطاحة به في عام 1979، وهذا ما أكده عند زيارته الأولى إلى إيران بعد سقوط نظام الحكم البهلوي ولقائه بأية الله الإمام روح الله الموسوي الخميني. لتبدأ بعدها حقبة جديدة من العلاقات المتميزة بين منظمة التحرير الفلسطينية بكل فصائلها المسلحة، وبين جمهورية إيران الإسلامية.

View Publication Preview PDF
Quick Preview PDF