يُعَدُّ الإقناعُ الصوتيّ وسيلةً من الوسائل الَّتي عَمِدَ لها الشعراءُ في قصائِدِهِمْ؛ بُغيَةَ إحداثِ إقناعٍ في ذهن المتلَقِّي؛ لِمَا في خَلَجَاتهم من بوحٍ تامٍّ، فالشعراءُ وظَّفوا المستوى الصوتي في مختلف الجوانب مثل التكرار والنبر وغيرهم، الَّتي شَكَّلَتْ لوحةً لها حضورُها في الشعرِ الصقليّ، وعلى الرَّغمِ مِنَ الدراسات الصَوتِيَّة الَّتي أخذت على عاتقها دراسة الشعر العربي، بيد أنَّها لَمْ تَتَبَنَّ البحث في الجانب الإقناعي في الشعر الصقلي، الَّذي تضَمَّنَ عَدَدًا من الشعراءِ الَّذينَ كانَ لهم الأثرُ الأوفرُ في شعرِ هذه المدينةِ.
إنَّ البحث في ميدان الدرس الصوتيّ يتطلَّبُ منَّا الخوضَ في غمار الشعر الصقليّ، الَّذي حمل مناخ التنوُّع؛ نتيجةً للظروفِ الَّتي أحاطت بها من حيث المناخ والطبيعة وكذلك تعدُّد حكَّامها والعصور الَّتي مرَّت بها، فضلاً عن ذلك أنَّ المستوى الصوتي يحمِلُ أبعادًا كثيرةً، وعميقةً من حيث التنوُّع الموضوعي، والتداخل بين معطياته الَّتي تَرِدُ عند الشعراء، ولاسيما توظيف التكرار، أو طبيعة النبر، أو خصائص التنغيم، أو حَتَّى الأصوات من حيث الجهر والهمس، وغير ذلك من الجوانب الصَوتِيَّة، وعلى هذ النحو سنتحدَّثُ عن هذاالبحث في ضوء مبحثين،جاء المبحث الأول تحت عنوان( التكرار وأثره في الإقناع)، أما لمبحث الثاني فقد كان تحت مسمى(قَصْدِيَّةُ التَّرْكِيزِ وَأثَرُهَا فِي الإِقْنَاعِ)