برزت ظاهرة الكدية في عصر بني أمية(41-132ه/661-749م)، لكنها قويت واشتدت في العصور العباسية، مع تطور الحياة الاجتماعية وتعقدها وتشابكها في مختلف النواحي، وإحلال المال المحل الأسمى في القيم الإنسانية، وكان التفاوت الطبقي السبب الرئيس وراء تدافع الناس لجمع المال بشتى الوسائل، ولم يتورعوا عن خبيث أو حرام فكثرت سبل المخادعة والاحتيال للتوصل إلى المال الذي أسهم في ظهور أدب الكدية، إذ عمدت الفئات المعدمة إلى البحث عن طعامها، وتحصيل المال بكل وسيلة فكان الاستجداء احدى هذه الوسائل.
ويهدف هذا البحث إلى دراسة ظاهرة الكدية التي تعد بمعنى السؤال وطلب العطاء، ظاهرة طبيعية في كلّ المجتمعات، تدفع إليها الفاقة، لا يختص بها مجتمع دون آخر، ولا تقتصر على المجتمع فحسب، وهي ظاهرة مُغرقة في القدم، ولا تزال موجودة إلى الآن.