الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد الخلق محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين .

   يُعد النص القراني من أهم النصوص التي  طُبقت بها علوم اللغة العربية في أبهى صورها من هنا اخترتُ النص القراني لدراستي هذه .

  وقد اخترتُ أسلوب ( التكرار ) في القران الكريم ؛ لكثرته في القران ولكونه يحمل غايات بلاغية ودلالية متنوعية ، وقد وقع اختياري على سورة  ( الاعراف ) ؛ كونها تضمّنت معظم انواع التكرار فكان بحثي تحت عنوان (( التكرار في سورة الاعراف – دراسة بلاغية تحليلية )) .

  قسّمتُ بحثي على تمهيد ومبحثين ، جاء التمهيد تحت عنوان ( التكرار ) عرضتُ فيه التكرار في اللغة وكذلك التكرار في الاصطلاح فضلا عن التكرار في التراث البلاغي والنحوي ووقفتُ كذلك عند جهود العلماء فيه ودفاعهم عنه عن طريق  ذكرهم لأهمية التكرار ثمّ عرضتُ التكرار في الدراسات البلاغية المعاصرة ثمّ عرضتُ مكان التكرار في الدراسات النصية المعاصرة .

  جاء المبحث الاول تحت عنوان ( التكرار بالكلمة ) عرضتُ فيه لنوعين من التكرار أحدهما    ( التكرار الصريح للكلمة ) والأخر ( التكرار في اشتقاق الكلمة ) ثمّ جاء المبحث الثاني تحت عنوان ( التكرار في الجملة ) ، وقد حاولتُ في المبحثين بيان بلاغة نص التقديم والتأخير في سورة الاعراف المباركة من خلال تحليل النصوص التي عرضتُها تحليلا بلاغيا وافيا .

  توصل الباحث الى نتائج عديدة ومتنوعة ، منها :

1-إنّ التكرار من الموضوعات القديمة الحديثة التي لايمكن الاستغناء عنها ؛ وذلك لأهميته في الدراسات البلاغية القديمة والمعاصرة فضلا عن الدراسات النصية .

2-عرضتْ نصوص التكرار في سورة الاعراف الكثير من فنون البلاغة المتنوعة في علومها الثلاثة  أي ( المعاني ، البيان ، البديع ) واسهمت هذه الفنون في تقوية بلاغة نصوص التكرار المعروضة وتعزيزها .

3-وجدنا في ( التكرار الصريح ) كثرة  تكرار الأفعال على حساب تكرار الاسماء ، وكذلك الحال في ( التكرار الاشتقاقي ) ، وقد وجدنا في  بعض الاحيان  ان التكرار يأتي مشتركا بين الاسم والفعل ، فضلا عن ذلك فقد لحظنا التنوّع في الافعال ولاسيما بين الامر والمضارع فضلا عن  كثرة الاتفاق في الامر كما بيّنا .

  بينما وجدنا التوازن بين الاسماء والافعال في تكرار الجُمل فضلا عن تكرار الحروف ، فتكرار الجُمل الذي عُرض في المبحث الثاني كانت معظم جمله متضمنة للاسم والفعل والحرف وعندما تكررت هذه الجمُل تكرر الاسم والفعل والحرف .

4-ساهمت بعض الاساليب الانشائية ( الطلبية ) في خدمة بلاغة نص التكرار ومنها ( الأمر ، والنهي ، والاستفهام النكاري التوبيخي ، والاستفهام التقريري ، والنداء ) فضلا عن كثرة الاخبار المؤكَّدة في نصوص التكرار فالخبر الانكاري هو الأكثر ورودا في نصوص التكرار ثمّ الخبر الطلبي واخيرا الخبر الابتدائي ، والعلّة في كثرة الاخبار المؤكدَّة كما يرى الباحث ؛ لأنّ سورة الاعراف من السور المكية والسور المكية موجّهة للبشر كافة وأغلبهم ينكرون مايُقدمه النص القراني .

5-كثُر الوصل بين نصوص جُمل التكرار في سورة الاعراف بانواع التكرار المعروضة ومعظم الوصل كان في اتفاق الجُمل في الانشاء ( الطلب ) .

  وقد اثّر ذلك في نصوص التكرار ؛ لأنّه ربط النص مع النص الاخر ولاسيما ان الوصل قد كثُر في جُمل التكرار ذاتها كما في تكرار الأفعال ( الأمر ) أو( النهي ).

  وقد قلّ الفصل في هذه النصوص ومنه ( شبه كمال الاتصال ، والاختلاف بين الخبر و الانشاء  )  وسبب هذه القِلّة تعود  إلى اتفاق أكثر الجمُل في الانشاء كما قلنا سيما ان السورة المكية فيها الكثير من الاوامر والنواهي .

  فضلا عن الوصل وجدنا الربط الظرفي ( الزمان ) الذي ورد بالأداة ( ثمّ ) .

6-حملت نصوص التكرار كثير من الموضوعات التي تدخل في علم المعاني من أجل بلاغة النص وتخصيصه وعنايته بالأهم وتمثّل ذلك في ( التقديم والتأخير ، والقصر ، والحذف ) وغيرها.

   فضلا عن وجود فنون بيانية  ساهمت في تقريب الصورة التي عرضها نص التكرار عن طريق   ( التشبيه  أو  الاستعارة ) .

   بقي إنّ نقول هنا  ان ( التضاد ) قد هيمن على الكثير من نصوص التكرار في سورة الاعراف سيما في النواهي التي عرضت ماقدّمه الله وما يُقدّمه البشر أو بين معطيات الله للبشر ومعطيات الشيطان للبشر نفسه ؛ وقد اسهم في بيان الفرق بين من يريد مصلحة البشر ومن يريد أن يضرّه .

7-كثُر ( تكرار الكلمة )  على حساب ( تكرار الجُمل ) ؛ لتنوّع الاحداث في سورة الاعراف فضلا عن كون تكرار الكلمة يمكن أن يقع في الاية الواحدة بشكل كبير بينما تكرار الجُمل يقل في الاية الواحدة ويكثُر في الايات المتعددة .