لما رأينا عدم اشتمال الأقسام الخمسة للإشاريات التداولية ــ عند لفنسون ــ على ما يشير الى المعنى من تعابيرها عمدْنا الى عقد هذه الدراسة لتكون قسمًا سادسًا ومكمّلًا لتلك الأقسام، فأسميناه بـ (إشاريات المعنى)، يتناول هذا القسم دراسة التعابير الإشارية التي تشير الى المعاني، وتحدد موقف المتكلم تجاه تلك المعاني، وبعد وضع ضوابط وحدود هذا القسم الجديد اعتنيتُ بدراسته في الخطاب القرآني، مختارة (ذلك) ولواحقها أنموذجًا، مبينة أنّ هذا الاستعمال لـ(ذلك) يدخل في استعمالاتها المجازية؛ لأنّه يشير الى غير المحسوس(المعاني)، وتوصل البحث الى أنّ التجليات الإشارية للتبعيد في (ذلك) تختلف باختلاف السياق التلفظي الواقعة فيه؛ فتارة يُريد منه المتكلم التعظيم قاصدًا الحث والتحريض، أو التذكير والتهديد، أو الترغيب والنصح، وأخرى يريد بها التأكيد على نحو المبالغة، وأخرى يريد بها التحقير قاصدًا التحذير، وتوصل أيضًا الى أنّ مجيئها مطابقة للمخاطب (ذلك، ذلكما، ذلكم) يراد منه التبعيد والخطاب معًا لقصد تداولي إمّا شمول المخاطبين على حد سواء، وإمّا تشريفهم، وإمّا زيادة تنبيه لهم فضلًا عن غيرهم، وإمّا شمول كل متلق في كل زمان ومكان.