گوزانا أو گوزان هو الاسم القديم لموقع حلف (تل حلف) وهو موقع أثري كبير يطل على نهر الخابور بالقرب من قرية رأس العين على الحدود السورية التركية ويبعد بحوالي (152كم) شمال غرب مدينة نينوى (الشكل1) ، تعود أقدم الجذور التاريخية لهذا الموقع إلى عصور قبل التاريخ وتحديداً إلى العصر الحجري المعدني الوسيط([i])، نقبت في الموقع بعثة ألمانية برئاسة الباحث ماكس فون أوبنهايم (Max Von Oppenheim) في عامي 1899 و 1929 كُشِف خلالها عن وجود أثار تعود إلى الألفين السادس والخامس قبل الميلاد([ii]) إذ ظهرت في ذلك الموقع ما يعرف بثقافة تل حلف التي سادت في المنطقة الممتدة من بحيرة وان إلى شمال العراق ومن جنوب السواحل التركية غرباً وحتى جنوب شرق تركيا لتشمل بذلك مناطق شمال شرق سوريا وشمال غرب بلاد الرافدين([iii]) ، كما تشير المصادر التاريخية ونتائج التنقيبات الأثرية إلى أن مدينة گوزانا كانت عاصمة لإحدى الممالك الآرامية التي نشطت في تلك الآونة وهي مملكة (بيت بهياني/ بخياني)([iv]) ، بعد ذلك خضعت المدينة للإمبراطورية الآشورية الحديثة التي بدأت في عام (911ق.م) وأصبحت جزءاً من تلك الإمبراطورية العظيمة وعلى الرغم من نشوب ثورات عديدة وحدوث حالات تمرد بين فترة وأخرى ضد الآشوريين([v]) إلا أنها كانت تقمع من قبل الملوك الآشوريين الذين حكموا في تلك الحقبة الزمنية وجاءت أولى الإشارات التاريخية في حوليات الملك أدد نيراري الثاني (911-891 ق.م) الذي يذكر أنه في إحدى حملاته العسكرية قد عبر نهر الخابور متوجهاً إلى گوزانا في زمن حاكمها أبي سلامو بن بخياني([vi]) كما ذكرت المدينة في كتابات الملك آشور ناصر بال الثاني (883-859 ق.م) عندما يصف حملته على المدينة وإجبار حاكمها زاليان رجل بيت بيخاني على دفع الجزية([vii]) ، ولعل أكثر الملوك ذكراً لهذه المدينة هو شلمنصر الثالث (858-824 ق.م) الذي ذكر المدينة وسكانها في كثير من كتاباته التي يصف بها حملاته العسكرية عليها واخضاعها لحكمه واجبارها على دفع الجزية([viii]) وفضلاً عن ذلك فقد وردت إشارات مختلفة في كتابات الملوك الآشوريين اللاحقين حول مدينة گوزانا ومنهم شمشي أدد الخامس (823-811 ق.م) وأدد نيراري الثالث (810-783 ق.م) وشلمنصر الخامس (782-773 ق.م) وآشور دان الثالث (772-755 ق.م) وكذلك آشور نيراري الخامس (754-745 ق.م) كما ذكت في كتابات ملوك السلالة السرجونية خلال الإمبراطورية الآشورية في العصر الآشوري الحديث سيما في حملات سرجون الثاني وإبنه سنحاريب([ix])، وهو إن دل على شيء إنما يدل على أن هذه المدينة كانت خاضعة للسلطان الآشوري خلال العصر الآشوري الحديث بشكل مستمر تقريباً وهو ما من شأنه أن يترك إنطباعاً آشورياً واضحاً في مختلف نواحي الحياة العامة لتلك المدينة بما فيها الجانب العمراني وإن كانت قد عرفت بمخططات وأنماط معينة من البناء وهو ما سنحاول تسليط الضوء عليه من دراسة تفصيلية لمعبد المدينة الرئيس .. وبعد أفول نجم الآشوريين على المسرح السياسي تحولت المدينة إلى مستوطنة إغريقية خلال الحقبة الكلاسيكية كما وجدت فيها أثار تعود للعصور الإسلامية في حقبة زمنية لاحقة([x]) .
[i])) تجدر الإشارة هنا إلى أن التسمية ذاتها أي حلف أو خلف أطلقت على أحد أدوار عصور قبل التاريخ وهو دور حلف الذي تميز بالكثير من مخلفاته المادية كالفخاريات (التي عرفت بفخار حلف تمييزاً لها عما وجد في مواقع وأدوار أخرى فضلاً عن وجود الكثير من التماثيل الصغيرة (الدمى الطينية) التي كانت تمثل الإلهة الأم، أما من الناحية العمارية فإن أبرز ما تميز به ذلك الدور وفي هذا الموقع بالذات هي البيوت الدائرية التي عرفت ب(ثولوس) ... للمزيد حول ذلك ينظر: باقر، طه. مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، ج1، ط2، بغداد، 1986، ص219 .
([ii]) Bienkowski, P. and Millard, A. Dictionary of the Ancient Near East, Philadelphia, 2000, p. 137 .
([iii]) Canby, J.V. ʺ Guzana (Tell Halaf), in Weiss, H. Ebla to Damascus, Washington, 1985, p. 137 .
[iv])) باقر، طه. مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ........... ، ص497.
[v])) للمزيد حول الوجود الآشوري وتأثيره في الممالك الآرامية منذ العصر الآشوري الوسيط وما حدث بشكل أوسع خلال العصر الآشوري الحديث ... ينظر :
منصور، ماجدة حسو. الصلات الآشورية الآرامية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب/ جامعة بغداد، 1995، ص 77- 142 .
([vi]) Luckenbill, D.D. Ancient Records of Assyria and Babylonia (ARAB), Vol.1, Chicago, 1927, p. 373 .
([vii]) Grayson, A. K. Assyrian Rulers of the Early first Milinium BC I (1114-859 BC), RIMA, Vol. 2 , Torrento, 1990, 553 .
([viii]) Grayson, A. K. " Assyrians Rulers of the Early first Milinum BC II (858-745 B. C)" RIMA, Vol. 3, Toronto, 1996, pp. 9,15,21,23, 29, 65,70,74 .
([ix]) Friedrich,J. and Athors. ʺDie Inschriften vom Tell Halaf , Keilschrifttexte und aramäische Urkunden au seiner assyrischen Provinzhauptstadtʺ, AFO, Beiheft 6. Osnabrück, 1967, p. 1 ff .
([x])Bienkowski, P. and Millard, A. Dictionary of ………., p. 138 .