إن الحب العذري الذي أظهر ما سُمـّي بـ (الغزل العـــذري) أخـذ حـيـّزاً واهتماماً من قِبل الكُتـاب والأُدباء ومجال الباحثين ، فكان وقعه مدوياً في قلوب شعرائنا في العصـر الأموي وبالذات (مجنون ليلى) فعفة الحب وطهارته والتمثيــل الصادق وفـناء الروح من أجل الحبيب هو مـيزة تميّز بها شعراء الغزل العذري ، هذا الغزل الذي لم تنسه الأجيال حتى الآن .
ويرصد هذا البحث جانباً من الإغراب التصويري المرتبط بعوالم تناقض الألفة وتحويل نمط الأـداء المعتاد إلى صور مُخيّلة في أنموذج من الشعر العـذري متمــثلاً بشعر قيس بن المُلوّح ، المعروف بمجنون ليلى؛ محاولاً تحليـل بعض عناصره المولدة للشعرية (poetics)، وقد جعل البحـث من المبالغة معياراً من المعايير الأساس في تحقيق الإغراب . فالشاعر العاشق ظل يعاني من الألم والحرمان ولوعة الفراق وهذا من شدة صـدقه وإخلاصه لمن يُحـبّ، فكابد آلام الإغـتراب وهذا ما شَعَـر به قيس من شدة حبّه لليلى فأحس بهذا العـالم كأنه سجن لا يطـيق فيه ، وبغربته بين أهله وناسه ، ففضل العيش مع طيف من يُحبّ ، تـاركاً لنا أجمــل الصـور وأعذب المعـاني وأسمى أنواع الحُـب التي تتسامى في الشعر .