Preferred Language
Articles
/
aladabj-298
قراءة في ترجمتين لقصيدة الدعوة إلى السفر للشاعر شارل بودلير دراسة تطبيقية لاستنباط مشاكل ترجمة الشعر الغربي
...Show More Authors

تبقى ترجمة الشعر إشكالية قائمة ذلك أن القصيدة لا يحكمها المضمون فقط وإنما الشكل المتمثل بالوزن والقافية. فمنذ أن أشار الجاحظ إلى عدم إمكانية ترجمة الشعر، ظل هذا الحضر قائما حتى جاء القرن التاسع عشر الذي " شهد أول محاولة معروفة لدينا في ترجمة الشعر بما صنعه جبرائيل مخلع الدمشقي في نقل كلستان من اللغة الفارسية"[i]. " وظل العرب يتحامون ترجمة الشعر الأجنبي إلى اللغة العربية، إلى أن جاء وديع البستاني فأقدم على أولى المحاولات لترجمة رباعيات الخيام إلى لغة الضاد، وظهرت هذه الترجمة في طبعتها الأولى سنة 1912، فكانت بذلك أولى الترجمات الشعرية في القرن العشرين"[ii]. وبعد هذه القطيعة التي دامت قرونا كثيرة كان لزاما علينا معرفة كيف تلقى العالم العربي الشعر الغربي ؟ ولمن ترجم وبمن تأثر؟ وكيف تم اختيار الكتاب ؟ حيث " أن فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية هي الفترة التي ظهرت خلالها ترجمة الشعر الأجنبي إلى اللغة العربية واضحة. وهي الحقبة التي وضعت فيها أكثر الأقطار العربية تحت ظل الانتداب الأوربي، وخاصة بين أنجلترة وفرنسا"[iii].

هذه النظرة التاريخية السريعة التي تبين مسيرة ترجمة الشعر الغربي في العالم العربي لا تحل شيئا من إشكالية ترجمة الشعر لكن تقودنا في الوقت نفسه إلى دراسة تطبيقية لنموذج من الشعر الغربي للوقوف على صعوبات ترجمته. تتناول هذه الدراسة قراءة في ترجمة الشعر الغربي من الناحية التطبيقية ووفق منهجية النقد الترجمي. لقد وقع اختيارنا على إحدى اشهر قصائد الشاعر الفرنسي شارل بودلير التي حظيت بتراجم كثيرة إلى اللغة العربية ومن قبل كبار الشعراء الا وهي قصيدةL’Invitation au voyage  "الدعوة إلى السفر". إن لقصيدة الدعوة إلى السفر خصوصية كونها إحدى النصوص التي مهدت إلى الرمزية وتعد بمثابة النموذج للفن الشعري الحديث. فهل تم نقلها إلى اللغة العربية على هذا الأساس وتبيان خصوصيتها التي تتمثل باستدعاء لبلدان بعيدة لا قبل لنا بها تعكسها مرآة عيون المرأة التي أحبها الشاعر وبمقاطع ذات تفعيلات قصيرة و قواف مفردة وموسيقى داخلية تتمثل بالجناس والطباق. آثرنا في بحثنا هذا اختيار ترجمتين لقصيدة بودلير الأولى للدكتور والمترجم عبد الغفار مكاوي (1930 -2012) الذي أشار منوها إلى انه نقلها نثرا لتعذر ترجمتها شعرا. والترجمة الثانية للشاعر خليل الخوري (1931-1997) الذي قام بترجمة ديوان الشاعر بودلير أزهار الشر بأكمله.

تتناول الدراسة مقدمة تعريفية بالشاعر بودلير ودوره في ثورة الشعر الحديث والتعريف بقصيدة الدعوة إلى السفر ودراسة خصائصها وكل ما يرتبط بالشكل والمضمون الأمر الذي يساعدنا على إجراء المقارنة بين التراجم لاحقا واستنباط كيفية ترجمة الشعر الغربي إلى اللغة العربية والصعوبات التي تكتنفه. ناهيك عن الإشكالية الأزلية لترجمة الشعر والمتمثلة بنقل المضمون دون الشكل أي الوزن والقافية الأمر الذي يفقد القصيدة المترجمة ليس فقط جماليتها وإنما يتعداه ليشمل مضمونها أيضا.

 

  1. محمد عبد الغني حسن، فن الترجمة في الأدب العربي، مصر، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966، ص 101.
  2. المرجع نفسه.
  3. المرجع نفسه، ص101-102.

View Publication