Preferred Language
Articles
/
aladabj-281
عتبة نصيّة أولى في الرواية العربية المعاصرة
...Show More Authors

المقدمة :

يعدّ العنوان من الامور الفنية المهمة التي تتصدر واجهة الكتاب، وهو الذي يهيمن منذ النظرة الاولى على ذهن المتلقي الذي يدقق كثيرا في اختيار اسم المؤلَّف الذي سيقتنيه، وتحظى الرواية بالاهتمام الكبير اليوم  عند كل الناس، لانها تقص أحداثا جسيمة، وتقدم شخصيات متنوعة في أدوارها من الملوك الى الانسان البسيط، فضلا عمّا تثيره من متعة أدبية، وتضع الرواية حلولا عديدة لعوالم متخيّلة ، وكذلك للعوالم الاجتماعية الحقيقية في عالمنا المضطرب، والعنوان (بنية إشارية دالة، تحمل الكثير مما قد يخفيه النص، بل قد يحيل الى ما لا يقوله، فيقول العنوان ما لا يقوله النص، من خلال استراتيجيته الضاغطة، وسلطته الدلالية التي تعد انفجارية إذا ما استفزت قرائيا)(1). والعنوان اقتصاد في الالفاظ وعمق في الدلالة، وهو المفتاح الاول للدخول الى عوالم العمل الفني، وهو ثريّا الكتاب المشعة، التي تجذب الانتباه أول مرّة (وهو مادة مشعة تضيء فضاء النص وتقود الى امكانية فكّ رموزه وكشف غموضه، وأن النص والعنوان يدخلان في علاقة مشتركة، فالواحد يعلن والآخر يفسر، فالعناوين تشكل علامات دالة تلخص مدارات التجربة والابعاد الرمزية لها)(2) . والعنوان عتبة نصية مهمة فيه اشارات علنية، أو ضمنية لبعض أحداث الرواية.                              

تحتل الرواية العربية المعاصرة مكانة متقدمة  في الادب العربي اليوم لانها تملك كتّابا لامعين في هذا الفن فضلا عن ثراء الواقع العربي بالموضوعات الكثيرة المهمة التي تحفز المبدع على العطاء في الفكر والسياسية والاجتماع والامور التي نتداولها يوميا، فجاءت العنوانات معبّرة  ومؤثرة في نفس المتلقي، ومستوحاة من أحداث جسيمة مرّت على العرب. ويعتمد اختيار العنوان على نباهة الروائي، وسعة إفقه، وقيمة الموضوع الذي يكتب فيه، وتأثيره في نفوس المتلقين. العنوان أو اسم الكتاب هو أول ما يطالع القارئ حين العرض أو القراءة، وصدقت المقولة التي تقول: ( الكتاب يقرأ من عنوانه).فهو العتبة النصية الاولى التي يواجهها نظر المتلقي أول مرّة، وهو تشكيل بصري يمتلك ايقاعا مؤثرا، أو عتبة نصية أولى مهمة جدا، لانها ربما تفصح عن بعض الافكار الاولية للمؤلف، أو أنها تتطابق مع بعض المضامين الدلالية والفكرية في التراث الانساني، فتكون عنصر جذب للقارئ. والعنوان إلتفاتة ذكية من المبدع في انتقاء ما هو مؤثر في نفوس القارئين، وان اختيار العنوان الجميل موهبة حبا الله بها بعض عباده ، فلا تتساوى العناوين في قوة تأثيرها وتعبيرها في الموضوعات المختلفة عند المؤلفين في النفوس المتلهفة للقراءة، بل تكون بحسب دلالتها ووظيفتها، وحذق المؤلف وحنكته في الاختيار. يمتلك العنوان وظائف عديدة حين قراءته، وتكون أما إغرائية أو إيحائية أو عجائبية أو تعيينية، يقصد بعضها المبدع، وربما يقصدها كلها، وتلك الوظائف تعود الى ظواهر عديدة كالبحث عن الذات، أو معالجة ظواهر اجتماعية مؤثرة، وربما معالجة حالات شخصية، أو أن سيميائية النص تقود الى ذلك، وقد يكون العنوان عتبة نصية أولى موازية لعنوانات أخرى داخلية في العمل الفني ،وهي عتبات نصية لاحقة في العمل الروائي الواحد. العنوان هو المفتاح الاول للدخول الى أعماق النص، وهو الذي يقع عليه البصر أول مرّة وفيه إيقاع بصري أو تشكيل مرئي أول، وربما يفصح عن موضوعات كثيرة ومهمة قبل الدخول الى القراءة المعمقة الدقيقة، وهو خطاب أولي موجز لافكار مكثفة، موجّهٌ الى القارئ في بادئ الامر، الذي نتوقع أنه استوعب الفكرة التي يريدها المؤلف، فجعله ثريّا عمله، أو أنه مانشيت مركّز في ألفاظه يتصدر الرواية.

View Publication