يتحدث هذا البحث عن الموسيقي في قصيدة أبي تمام، الّتي رثي بها محمد بن حميد الطّوسيّ الطّائيّ (قائداً من قوّاد المعتصم بالله)، لا نتصور قصيدة تخلو من عناصر الموسيقي إلا وهي تضم في طياتها قسطاً أكبر منها، وتعد الموسيقي في الشعر عنصراً مهماً من العناصر المتعددة الّتي يتشكّل بها الشعر، ويفضل بعض الشعراء على بعض من خلال تجلّي عنصر الموسيقى في أشعارهم.
من أشهر قصائد الرثاء في الشعر العربي كلّه، قصيدة أبي تمام الّتي يندب فيها البطل محمد بن حميد الطوسي، وفيها يصور أثر موته في الناس كما يصف فيها ما كان يتحلی به هذا القائد والفارس من شجاعة وقوة وكرم. وقد أجاد أبو تمام في اختيار بحر الطويل لقصيدته هذه وقافيتها الراء المضمومة، والقصائد الرائية من أكثر القصائد شيوعاً في الشعر العربي نظراً إلى كثرة الكلمات العربية المنتهية بالراء، وقافية الراء تتناسب تناسباً تاماً مع مضمون القصيدة الّتي يدل على الحزن والألم والأسي.
تحاول هذه الدراسة استعراض الأبعاد الموسيقيّة المختلفة في قصيدة رثاء محمد بن حميد الطّوسيّ الطّائيّ، منها دراسة الموسيقي الخارجية الّتي تضمنت دراسة الوزن العروضي مع دراسة القافية المستخدمة في القصيدة ودراسة الموسيقي الداخلية الّتي تضمنت: التكرار والجناس ورد العجز على الصدر، ودراسة الموسيقي المعنوية: الطباق والمراعاة النظير ويوصلنا البحث إلى نتائج أهمّها: أنّ الموسيقي الناتجة من تكرار الحروف والكلمات والجناس و.... ذات صلة وثيقة بأغراض الشاعر وتوحي إلى القارئ حالاته النفسية واستطاع أن يستنفد الموسيقي بنجاح بحيث أن يرفع درجة الموسيقي بكل أنواعه المختلفة إلى الذروة الفنية يضع المتلقي في تلك الأجواء الحزينة.