Preferred Language
Articles
/
aladabj-191
الأسرة العراقية بين قيود التنشئة وحرية العولمة - دراسة ميدانية في مدينة بغداد
...Show More Authors

من المعروف ان العراق وفي ظل التحولات والتحديات التي يواجهها على كافة الأصعدة، وفي ظل هيمنة الثورة التكنولوجية العالمية التي تفرضها التطورات التكنولوجية والإعلامية  التي وضعت المجتمع العراقي بشكل عام والأسرة بشكل خاص أمام حقبة جديدة من التحديات تتمثل بتجربة البث المباشر ،  اذ أصبح التطور الهائل في صناعة الاتصالات واستعمالها معياراً للتمييز بين المجتمعات ، كما وأصبحت معياراً يميز العصر الحالي عن العصور السابقة.

ان اي تطور في مجال التكنولوجيا والاتصال، ينعكس على شكل هزة ثقافية فاكتشاف الطباعة مثلا نقل الثقافة من حالة شفوية الى حالة مكتوبة (مدونة)، واكتشاف الإذاعة والتلفاز ادخل ثقافة سمعية بصرية ، وكذلك اكتشاف العجلة التي أحدثت نقلة كبيرة في عالم التنقل من مكان الى آخر ، وأخيرا فأن اكتشاف الحاسوب والانترنيت و الشبكات المعلوماتية أدى الى ظهور الثقافة التفاعلية . هذه الثقافة جعلت الناس كافة وفي مختلف درجات الوعي والثقافة والاهتمام في حالة من التواصل والتفاعل عبر عالم افتراضي تحكمه فوانيين وقواعد معلوماتية صارمة.

وقد أصبح المستفيدون من تكنولوجيا المعلومات هم أنفسهم مشاركون فيها ، وبذلك لم يعد هناك مرسل دائم ولا مستقبل دائم للمعلومات، اذ ربما يصبح المرسل مستقبلاً وربما العكس صحيح، وهذا ما يمكن ان نسميه اليوم بـ( ديمقراطية المعلومات)، اي إتاحتها للتداول لكل القادرين ولجميع الفئات الاجتماعية (حتى الأطفال) .

من هنا تظهر أهمية الموضوع اذ ان وسائل الاتصال الحديثة جعلت العالم أشبه بقرية صغيرة وربما أصبحت مُهدداً لقدسية المنظومة المحلية ، وبما تمتلكه من مقومات فعالة في اختراق قلاع وحصون الأسرة العربية بشكل عام والعراقية بشكل خاص والتي كانت لعقود طويلة منيعة عن الاختراق لأنها كانت تُحكم بالسلطة والقوة التقليدية ، فالصراع المعروف على مر الزمن (صراع الأبناء والآباء) بعد ان كان صراعاً في الأدوار، تحول اليوم وبفعل الثقافة الوافدة واقصد بها العولمة بإشكالها وصورها الى صراع من نوع جديد، صراع معرفي تكنولوجي يحمل بين طياته مفاتيح معقدة يعجز بعض الآباء والأمهات في التعامل معها ، كما تحول من دون نجاح عملية التنشئة، اذ يظهر من خلال تداخل الأدوار داخل الأسرة فالأبناء اليوم هم من يحمل مفاتيح عملية التواصل الثقافي وربما شعر بعض الآباء بعجزهم او عدم مقدرتهم على مجارات تطلعات أبنائهم التي فاقت حجم المعقول من الرغبات المتاحة ، كما ان بعض الآباء والأمهات لم يواكبوا عملية التطور العلمي والتكنولوجي والثقافي الذي يؤهلهم لتوجيه أبنائهم على وفق منطلقات الثقافة المحلية والعالمية بكل ما تمتلك من مقومات وتناقضات .

View Publication