مدينة قم من المدن الرئيسة والمشهورة في أقليم الجبل، فهي تقع في محاذاة صحراء ملحية قاحلة، يحدها من الشمال مدينة الري، ومن الجنوب قاشان، ومن الغرب ساوة، فتحت عنوه من قبل أبو موسى الأشعري بعد معركة نهاوند سنة (23ه/644م) .
كان تاريخ مدينة قم جزءاً من الصراع القوى الساخطة على الخلافة الأموية في المشرق الإسلامي، أمثال مطرف بن المغيرة بن شهبة حين خلع عبد الملك بن مروان كما كان لها دوراً في ثورة العباسيين، حين اتخذوها محطتهم الرئيسة في صراعهم مع الأمويين، فأقتنع القميون بعدم شرعية الخلافة الاموية والعباسية في الحكم، لذا كانوا يبدون مقاومتهم بأي شكل من الأشكال للخلافة العباسية, وهكذا أسست هذه المدينة علاقتها مع الخلافة العباسية على العداء والرفض المتواصل لهم ؛ مما جعل الخلافة العباسية تحذر منهم وتراقب تحركاتهم، وترسل لهم الجيوش حين يخرجون عن طاعتها, فضلاً عن دخول هذه المدينة في الحرب التي نشبت بين الأمين والمأمون سنة (195ه/811م)، وفي صراعات الدول الانفصالية التي اتخذتها ميداناً لها.
والواقع إن مدينة قم استمدت أهميتها السياسية والدينية لكونها من بين أقدم المدن التي احتضنت التشيع في مدة مبكرة من التاريخ الإسلامي، فقد تأسست فيها أكبر مدرسة فقهية، ونشأ فيها كبار الفقهاء والمجتهدين، واصبحت من أهم المدارس الفقهية في العالم الاسلامي بعد مدرسة المدينة ومدرسة الكوفة بالنسبة للمذهب الشيعي، فخرجت الكثير من الفقهاء ورواة الحديث والعلماء في مختلف العلوم الإسلامية، وكان من مظاهر انتعاش الفكر الشيعي هو قيام معز الدولة البويهي على تعزيز مكانة الشيعة من بين المذاهب الأخرى.