على الرغم مما عرف عن ما بعد الحداثة من نزعة نحو تفكيك أسس التقاليد والأعراف المتعلقة بالأجناس الأدبية المتوارثة، من بين نزعاتها الأخرى، ورغم اقترانها الواسع بالميل نحو الانعكاس الذاتي، والوعي الذاتي، واستبطان الأدب، إلا أنه هنالك أمثلة عديدة من المنتج الأدبي ما بعد الحداثي للعديد من الشعراء والأدباء تثبت، سواء من خلال غزارتها أو حضورها المتكرر، وجود نزعة مضمرة لتأسيس هذه السمة الانعكاسية في الأعمال الأدبية بوصفها تقليدا أو عرفا بديلا، وذلك من خلال منحها – أي السمة المذكورة— قواعد وأسس، وتقديمها على أنها تقليدا أو عرفا لما بعد الحداثة. وهكذا، فإن المزاعم الذي سوقتها ما بعد الحداثة بإنها جاءت لتفكك عرى التقاليد المتجذرة وتقتلعها لتحرر الأدب من القيود إنما هي في واقع الحال تتضمن محاولات تترى لإعداد تقاليد وأعراف أخرى تعتمد انتقاد التقاليد الأولى، ومهاجمتها والغائها.
تهدف الدراسة الحالية إلى إثبات ما تقدم من خلال تقصي وتحليل بعض قصائد الشاعر الأمريكي بيلي كولنز (1941- ) الذي اعتمد الانعكاسية الذاتية للقصيدة موضوعة رئيسة لمعظم أشعاره.
كلمات البحث: ما بعد الحداثة، الشعر الانعكاسي، ما وراء الشعر، بيلي كولنز، الشعر الامريكي.