Preferred Language
Articles
/
aladabj-137
النوع الأدبي والكتابة المفارِقة (الكتاب أمس المكان الآن) لأدونيس أنموذجا
...Show More Authors

يرى المبدعون الحداثيون أن الكتابة فضاء مفتوح, يتيح لهم إنجاز أعمالهم بعيدا عن وصاية النوع وهيمنة الحدود. فنظرية الأنواع الأدبية بدأت تتراجع والسبب ((هو أن التمييز بين الأنواع الأدبية لم يعد ذا أهمية في كتابات معظم كتاب عصرنا)). ولعل هذا أمر منطقي، فهل يعقل أن تكون الأنواع الأدبية التي عبر بها الانسان عن تجاربه - وأودعها أسراره وانفعالاته منذ الاف السنين- هي ذاتها بحدودها الصارمة وأشكالها القارّة، بعد كل التطور الذي حصل والتغيرات, التي طالت فكر الانسان, وطبيعة حياته وعلاقاته والتحولات الحادة, التي فعلت فعلها في حساسيته وتوجهاته؟!

ولماذا يكون التغير في النوع الواحد مقبولا مبررا طالما يبقى داخل  الحدود وضمن إطار المقولات الخاصة به، ولا يكون كذلك عندما يتطاول ليمد جسور التواصل والتنافذ مع الأنواع الاخرى، ما دام الهدف هو استيعاب تجربة الإنسان, واستكناه الكون في فعله وتحولاته وآفاقه الواسعة. من هنا كانت الكتابة بديلا لمقولة النوع، مكافئا لغنى الحياة, وثراء كوامن النفس البشرية، ومستوعبا ًلكل أبعاد الواقع. منذ أن استقرت الكتابة حضورا لافتا للوعي, وانبثاقا للذات وتجليا للغات، ومنذ أن صار تضادها مع التقنين, ونفورها من التجديد وتمردها على المألوف, وصراعها مع السلطة وتأبيها على كل وصاية. منذ أن صارت الكتابة مجلى لكل هذه السمات، اتخذها كتاب الحداثة "خيارا" إبداعيا يوفر للمبدع أقصى ما يتمناه من إمكانيات تنجز رؤياه وتأخذ بمتبنياته الفكرية والإبداعية إلى مدياتها القصوى, بما تعنيه من ((خرق وتجاوز، وإنجاز دائم، وتفاعل مستمر، وتداخل لا ينتهي))، وهذا هو جوهر العملية الأبداعية.

View Publication