تعدُ القراءات القرآنية أوثق المصادر العربية وأهمها في دراسة الأصوات اللغوية واللهجات العربية , ورافدا ثرا للدراسات النحوية واللغوية ؛ لأنها ثروة علمية أصيلة أفادت في دراسة أغلب علوم العربية , وذلك لطريقة نقلها المتمثلة في دقة التلقي والتلقين , وتحري ضبطها في الأخذ والأداء ؛ لأنها تؤخذ عن طريق النقل والمشافهة.
ولما كانت القراءات القرآنية صورة للهجات العربية , فقد وردت فيها كثير من الظواهر اللغوية , ومنها ظاهرة الاتباع الحركي , وهي ظاهرة لغوية أصيلة في العربية يشهد لها الاستعمال اللغوي , وورودها في المألوف من كلام العرب ؛ لأنها من أساليبهم في التعبير والإبانة والحرص على تأدية الانسجام الصوتي والتوافق الحركي من أجل الوصول بالكلمة الى أقصى درجات الخفة والسهولة والمجانسة ليكون اللفظ على وجه واحد , وليعمل اللسان عملا واحدا , فلا ينتقل اللسان من ضمٍ الى كسرٍ الى فتحٍ في الحركات المتوالية .
وقد اقتضت طبيعة البحث أن يكون على وفق تقديم الاتباع في العربية واتباع الكسر الكسر , واتباع الضم الضم , واتباع الفتح الفتح . والله أسأل التوفيق والسداد , والحمد لله ربَ العالمين .-