مرت القصيدة العربية منذ منتصف القرن المنصرم والى يومنا هذا بسلسلة متسارعة من التغييرات، منها ما يتصل بالمضمون ومنها ما يعنى بالبنية التركيبية لتلك المضامين المتغيرة الى الحد الذي يمكن ان نعدها قصيدة متفجرة غير مستقرة على نمط او شكل محدد ، تتغير من جيل الى اخر ومن شاعر الى اخر لا بل يمكن ان نعد-ان لم نغال- ان كل قصيدة حديثة هي نص متفرد يحاول ان يشق طريقا مختلفا عما سبق ، سواء باختلاف نص الشاعر نفسه او بمحاولته التفرد عمن سواه من الشعراء لاسيما المجايلين  له ، ليحقق سمة الابداع والتفرد اولا ولخصوصية التجربة الشعرية والحياتية لكل شاعر منهم ، فضلا عن اختلاف المرجعيات الثقافية التي يستند اليها كل شاعر وهي بالتأكيد ليست واحدة عند الجميع فلكل منهم منابعه الخاصة التي يشترك مع الاخرين في بعض الجزئيات منها ، لكنها بالتأكيد تختلف عنهم بأشياء كثيرة لاسيما عند اولئك الذين يشغل تفكيرهم ونتاجهم الهم الحداثوي الباحث عن تشكلات جديدة تنسب لهم وتحقق لهم ذلك التفرد المنشود

وسمة الابداع يمكن ان نضفيها على الشاعر (جواد الحطاب) استنادا الى نصه موضوع الدرس هنا ، ف (قبرها ام ربيئة وادي السلام) نص يمكن ان تنطبق عليه كل السمات الحداثوية التي اشرنا اليها سابقا ، من جدة في الموضوع او بعبارة اخرى جدة في طرح الموضوع فضلا عن التشاكلات البنائية التي انتظمت بها اجزاء ذلك النص استنادا الى خبرات الشاعر والمثيرات الباعثة له التي حفزت لديه ذلك الخلق الجديد منتجا نصا حداثويا صياغة واسلوبا وطرحا ، خاطا له نسقا جديدا من العلاقات يمكن ان نعده تفردا انماز به هذا النص، ما يضفي على صانعه سمة الابداع والتفرد بعيدا عن سلطة النص السابق او متواضعات الانماط المتداولة .