يتخذ الأدب العربيّ موقعًا بارزًا في الجغرافيا الثقافيّة العالميّة، وهو موقعٌ قديمٌ مُتجددٌ، فأمّا قدمه فيتصل في ارتباطه بأثر العرب ودورهم في المساهمة في مشروع الحضارة الإنسانية عن طريق الإسلام الذي استند على العنصر العربيّ الذي جسّد نموذجه البارز النبيُّ محمد – صلّى الله عليه وسلّم -. ومن خلال مقوّمات الثقافة العربيّة المتمثّلة في القوى البشريّة، والقيم الحضارية، والهويّة اللغوية المتمثّلة في اللغة العربية وآدابها ومعارفها ومذخورها الهائل في الشعر والنثر والقصص والحكايات والأساطير والخُطب، والرسائل.
تتأسس فرضية هذه الورقة على تصوّر مُفاده أنّ هناك ارتباطًا وشيجًا بين الأدب العربيّ والسياسات التي عبّر عنها الإسلام والمسلمون في التوسّع والسيطرة والانتشار ونشر الإسلام في أصقاع العالم القديم. فقد أدّت الإنجازات السياسيّة واللغويّة والبشريّة والدينيّة التي أحدثها المسلمون في نصف قرن من بدء دعوة النبيّ في مكّة إلى تعميق صورة الأدب العربيّ في خارطة الأدب العالميّ، ومن ثَمّ الافتتان بحضارة العرب وآدابها.
لذلك تسعى هذه الورقة بحث السياقات الــمُتّصلة بجائزة الملك (أوسكار الثاني Oscar II) ملك السويد والنرويج الذي أنشأ مجمعًا علميًّا للغات الشرقيّة في العقد الثامن من القرن التاسع عشر. وقد كان يمنح هذا المجمع جائزة مُخصصة لأدب العرب وحضارتهم، وذلك بالتنسيق مع (السلطان عبد الحميد الثاني) ورجال السلطة والفكر والحضارة في إسلامبول.
وقد حصل على الجائزة في سنة 1889 علاّمة العراق (محمود شكري الآلوسي)، وذلك عن كتاب ألّفه وفق معايير لجنة اللغات الشرقيّة في استكهولم، وهو كتاب: "بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب". ثم تبعه (الشيخ محمد محمود الشنقيطيّ)، وذلك عن قصيدة عصماء تحاكي قصائد الشعر الجاهليين نشرت في سنة 1901.