يعد الرثاء أساساً من أسس الموروث الشعري العربي، وهو باب من أبواب الشعر الرئيسة. وقد وجد الإنسان فيه بغيته في التعبير عن مكنون نفسه ساعة تكتظ بالألم، ومنفذاً يخرج منه لواعجه وأشجانه إلى الخارج في شكل تعبيري يحرر الدمعة، ويعاتب الموت. والرثاء غرض متطور ينمو مع نمو المجتمع والحياة ويسجل التغيير الذي يحصل في كل مرحلة من مراحل التاريخ، وهو نتيجة مهمة من نتائج اصطدام الشاعر بالحياة والأحداث. لهذا وقع اختياري على شعر الرثاء عند حافظ إبراهيم لأهمية هذا الفن عنده، بل انه الفن الذي فاق فيه شعراء عصره. وقد قسمت بحثي هذا على تمهيد وفصلين مشفوعة بمكملات البحث من المحتويات والمقدمة والخاتمة وقائمة المصادر والمراجع. أما التمهيد فتناولت فيه حياة الشاعر بصورة موجزة لأبين المراحل التي مر بها خلال مدة حياته، والظروف التي أحاطت به خلال تلك المراحل، التي أسهمت أسهاماً كبيراً في اغناء فن الرثاء عنده والإجادة فيه. وقد بينت في الفصل الأول معنى الرثاء، والكلمات المرادفة له، ثم ألقيت الضوء على الرثاء في الأدب العربي من خلال بيان مكانته في الشعر العربي، وبيان آراء النقاد فيه، والتطورات التي طرأت عليه خلال كل مرحلة من مراحل التاريخ المختلفة. ثم انتقلت بعد ذلك إلى المحور الأساس في البحث وهو الرثاء عند حافظ إبراهيم مقسمة مراثيه التي كانت غالباً في أصدقائه إلى رثاء رجال الدين، ورثاء رجال السياسة، ورثاء الشعراء والكتاب، ورثاء شخصيات عالمية.